الاثنين، يناير 22، 2007

الإخوان المسلمون ..وأخذهم الزكاة لصالح البرامج الإنتخابية



زكاتك لا تعطيها للجماعات السياسية وجمعياتها
الزكاة حق الله في المال وركن من اركان الاسلام الخمسة، ومن دعائمه العظيمة، ومن فوائد الزكاة انها تطهير للنفوس والابدان من ادناس الآثام والمخالفات، فالمسلم الذي استولت محبة الله تعالى وتقواه على قلبه ستحمله تلك المحبة على الانقياد والاذعان لاقتطاع جزء من ماله خضوعا لأمره تعالى وانقيادا لطاعتهِ
والزكاة لها مصارف محددة حصرها الله تعالى في قوله :'انما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم '(التوبة - الآية 60 )ِ
ولا يجوز ان تعطى الزكاة الى غير هذه الاصناف الثمانية المذكورة في كلام الله تعالى، وقد قال سعيد بن جبير رحمه الله :'ضعها حيث أمرك الله '، فإن دفعت الزكاة لغير مستحقيها، أي المصارف الثمانية المعتبرة، لم تبرأ ذمة المكلف، اي لم تصح زكاتهِ
ويجب على الغني الا يعتقد ان زكاته غرم ونقص، بل هي غنيمة ونماء لماله، قال الحق تعالى 'ولئن شكرتم لأزيدنكم 'فالزيادة مقرونة بالشكر والشكر لا يكون بمجرد اللسان، بل يكون كذلك في الالتزام بالعمل بما امر الله تعالى، قال تعالى لآل داود :'اعملوا آل داود شكرا 'فالعمل بأوامر الله تعالى واحكامه شكر لهِ واولى الناس بالزكاة هم الاقارب المستحقون لها ممن لا تجب النفقة لهم، فالزكاة لهم تزيد من الاجر كما جاء ذلك في الآثار وهي وصل بين الارحامِ
واورد على قارئي العزيز رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم تظهر لنا أهمية التفات المسلم الى الاقارب ممن لا تجب النفقة عليهم، (فعن عطاء بن ياسر ان زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت لها جارية سوداء فقالت يا رسول الله اريد ان اعتق هذه الجارية، فقال رسول صلى الله عليه وسلم :'ألا تفدين بها بنت اخيك من رعية الغنم؟ 'فقدم النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث اعطاء بنت الاخ ما يعينها على قضاء حاجتها على عتق المملوكةِ
ومما يجب التنبه اليه ايضا ان من مقاصد الزكاة الشرعية اخراج الفقير او المسكين من دائرة العوز والفقر الى دائرة الغنى، وقد روي عن عمر رضي الله عنه وارضاه انه قال :'اذا اعطيتم فأغنوا '، فالغنى يخرج المسلم الى حياة كريمة تساعده على عبادة الله عز وجل وعلى الانتاج والعمل، فالتوسع في العطاء يعني ان يجزل المزكي العطاء، كما روي عن عمر رضي الله عنه وارضاه ايضا انه قال :'اعطوهم ولو كان نصيب احدهم مائة بعير '، وهذا ما ذهب اليه الامام الحافظ ابو عبيد :'ان لا مانع بأن يعطى الفقير من الزكاة مائة من الإبل يروح بها عليه '، اما اعطاء المبالغ القليلة التي لا تسمن ولا تغني من جوع، فلن يحقق الغاية من اخراج الفقير المسلم من دائرة الحاجة والعوز

فإذا كان للغني ابن عم او ابن خال او احد من اقاربه وهو فقير او مسكين لا يملك بيتا في بلد البيوت فيه غالية، كالكويت مثلا، فأعطاه من مال الزكاة ما يشتري به بيتا يحقق الحاجة الشرعية من السكنى دون مباهاة او مبالغة ولو دفع خمسين الف دينار، فلا بأس بذلك، بل انه يكون قد حقق مصلحتين الاولى انه دفع زكاته في محلها والثانية انه حقق الوصل لأرحامهِ
ومما يجب التنبه اليه ان الجماعات السياسية الاسلامية في العالم الاسلامي ومراكزها وجمعياتها الخيرية قد امتهنت جمع الزكاة، بل اصبح هذا الامر من اولوياتها المعظمة ومواردها المالية، كما نرى ذلك واضحا في اعلاناتهم المدفوعة الثمن والمنشورة في وسائل الاعلام المسموعة والمرئية والمقروءة، وتخمة حساباتهم في البنوك تشهد بذلك، وكثير من مشايخهم وقياداتهم يجوزون تسخير زكوات المسلمين لخدمة افكارهم واحزابهم وتنظيماتهم التي ما اسست بزعمهم الا لإعادة الخلافةِ وهذا ما صرح به احد مشايخهم في الكويت وهو عمر الاشقر في محاضرة له في بيت الزكاة الكويتي بعنوان :'مصرف في سبيل الله 'حيث قال :'ان طبع الكتب الاسلامية وبناء المراكز الاسلامية ونشر الصحف والمجلات ونحو ذلك قد يكون تمويلها من الزكاة جائزا اذا كان الهدف منها هو نصرة الاسلام وإعلاء كلمته ومواجهة جهود اعداء المسلمين الذين يريدون اضلال المسلمين والصد عن سبيل الله '، علما بأن قول عمر الاشقر هذا محدث وليس له اصل في كتب العلم، وان المقصود بمصرف 'في سبيل الله 'الجهاد، وقال بعضهم الحج،

اما قول عمر الاشقر وما ذهب اليه عجيل النشمي والقرضاوي ومن شاكلهما فهو قول محدث،

وقد قال ابن قدامة :'لا خلاف في ان المراد ب 'في سبيل الله 'الجهاد '، وهذا يعني ان اصحاب هذا المنهج اذا اخذوا منك زكاتك، اجازوا صرفها في ابواب شتى كالصحف والمجلات والانتخابات وبناء المراكز الاسلامية، مبررين ذلك بأنه سبيل لإعادة الخلافة من خلال تقوية جماعاتهم في البرلمانات وغيرها، ولذلك اباحوا دفع الزكاة للحملات الانتخابية كما بينا ذلك في مقالين الاول بتاريخ

10 /6 /2003

تحت عنوان 'النشمي حين يفتي للأحزاب '

والثاني بتاريخ 25 /6 /2003

تحت عنوان 'النشمي يجوز اعطاء الزكاة للانتخابات 'والتي نشرناها في هذه الصفحة فأثارت حفيظة من اثارتِ
لذا على المزكي الا يعطي زكاته لهذه الجماعات والاحزاب صاحبة الجمعيات واللجان الخيرية ولا يغتر بهيئاتهم حتى وان نسبوا الى العلم الشرعي، فهم ملوثون بمدارسهم الفكرية السياسية التي لا هم لها الا الوصول الى القرار السياسي وتشكيله والمعبر عنه في كتبهم بالخلافة، اما علماء الحق والدين فهم بعيدون كل البعد عن الحزبية ودهاليزها الفكرية السياسية، وهذا ما عرفه الناس منذ القدم فقد قال ابن خلدون في مقدمته :'ان العلماء من بين البشر ابعد عن السياسة ومذاهبها
فليتذكر المزكي ان زكاته ركن من اركان اسلامه الخمسة وهي مسؤوليته وحده حيث قال الحق تعالى :'كل نفس بما كسبت رهينة '، فيجب عليه ان يضع زكاته في مصارفها التي حددها الله تعالى، ولا يجب عليه ان يجامل في هذا الأمر او ان يستحي او ان يتكاسل في توزيعها فيعطيها الى جهات في حقيقتها وفي باطنها انها سياسية تنظيمية هرمية تجعل من هذه الزكاة قوة لها لشراء الفقراء والمساكين وتسخيرهم لدعم تنظيمها وافراده في الانتخابات وغيرهاِ
وكما اذكر اخواني الطيبين العاملين مع هذه الجماعات السياسية وجمعياتها وتنظيماتها وهم في الحقيقة جاهلون لحقيقتها ومخططاتها ويظنون ان هذه الجماعات والاحزاب تمثل ما كان عليه محمد صلى الله عليه وسلم واصحابه فسخرتهم هذه الجماعات وانتدبتهم لصالح تنظيماتها وجمعياتها فأقول لهم احذروا احذروا فتاوى علماء الجماعات السياسية وتلامذتهم التي تجيز لهذه الجماعات والاحزاب استغلال اموال زكاة المسلمين في غير محلها، فإنها والله استباحة لأموال الزكاة، فلا تكن يا عبدالله مشاركا لهم في ذلك وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم محذرا :'ان رجالا يتخوضون بمال الله بغير الحق فلهم النار يوم القيامة '

ونصيحتي لك ولأمثالك ان تخرجوا من قوالب ومن دوائر هذه الجمعيات وتنظيماتها فتكونوا مسلمين احرارا تأتمرون بما امر الله عز وجل به وتنهون عما نهى عنه ولا تنتمون الا لدينكم وتحت راية ولي امركم الامير جابر الاحمد الصباح خاضعين في ذلك لقول الرسول صلى الله عليه وسلم :'لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق 'وان تقرأوا وتستمعوا للعلماء الذين لا ينتمون لهذه الاحزاب او لهذه الجماعات السياسية،

ومثالكم المعاصر في ذلك العلامة الامام ناصر الدين الالباني رحمه الله الذي لم يرتض لنفسه ان ينخرط مع اي تنظيم، وحارب التنظيمات والاحزاب السياسية الاسلامية على اختلاف اسمائها ومدارسها، وخدم الاسلام دون تنظيم ودون جمعية ودون لجان، فلو وضعنا اعمال الامام في كفة وعمل الجماعات الاسلامية السياسية في كفة اخرى لرأينا التباين الواضح ووصلنا الى الحقيقةِ
وتذكر يا من ينتسب الى هذه الجماعات السياسية الهرمية، المسؤولية الشرعية لما تقوم به انت من نصرة وخدمة ودعم لها، واذكر نفسي واياك بقول الحق تعالى

:'وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها
فائدة
قال العلامة الامام عبدالعزيز بن باز رحمه الله حول موضوع صرف الزكاة :'هو كالاجماع من علماء السلف الصالح الأولين ان الزكاة لا تصرف في عمارة المساجد وشراء الكتب ونحو ذلك وانما تصرف في الاصناف الثمانية اي الذين ورد ذكرهم في الآية في سورة التوبة وهم الفقراء والمساكين والعاملون عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمون وفي سبيل الله وابن السبيل، و 'في سبيل الله 'تختص بالجهاد، هذا الامر معروف عند اهل العلم، وليس من ذلك صرفه في تعمير المساجد ولا في تعمير المدارس ولا الطرق ولا نحو ذلك،

والله ولي التوفيق

------------------------------

مقالة للشيخ محمد العنجري بجريدة القبس

بتاريخ 2/10/2005