السبت، أكتوبر 14، 2006

علم القبر و علم الخبز

عن عبد الله بن أحمد بن شبويه قال سمعت أبي يقول
من أراد علم القبر فعليه بالأثر ومن أراد علم الخبز فعليه بالرأي
انظر: تهذيب الكمال1/435 و تاريخ الإسلام1/1681
وكذلك السنة من ابتغاها فعليه الصبر و من أراد الجاه و الرئاسة و المال فلا يطلبها من باب السنة بل باب البدع مفتوح على مصراعيه لمن أراد سلوك طريق الباطل و متاع الدنيا فيه موجود
و الله جعل الدار الآخرة لمن نحى نفسه عن العلو في الأرض و لم يطلب بعلمه حظاً من الدنيا
قال تعالى " تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين
:يقول الشيخ مقبل الوادعي - رحمه الله -في مقدمة كتاب ذم المسألة
وأخيرًا فإنني أنصح لأهل السنة أن يصبروا على الفقر، فهي الحال التي اختارها الله لنبيه محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ورب العزة يقول في كتابه الكريم: " ولنبلونّكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثّمرات وبشّر الصّابرين * الّذين إذاأصابتهم مصيبة قالوا إنّا لله وإنّا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربّهم ورحمة وأولئك هم المهتدون "

الأحد، أكتوبر 08، 2006

الألباني و ما أدراك ما الألباني - الشيخ أحمد السبيعي

مع انه منسوب إلى الألبان وهم أعاجم لم يمتنع أن يدخل في عقول وقلوب العرب الأقحاح ينال حب وموالاة كل موحد متبع للنبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ، وفرض نفسه وكتبه على الموافق والمخالف، ووقف نفسه لهدف عزيز بعيد المنال، وهو إرجاع الأمة لما كان عليه سلفنا الصالح ـ رحمهم الله تعالى ـ، مع اعترافه ـ رحمه الله ـ بأنه لا سبيل عمليا للحاق بهم، فضلا عن كرامة الله الخاصة بهم، لكنه يؤمن إيماناً راسخا انه لا سبيل للأمة في الحفاظ على هويتها، وفي السعي لاستعادة عافيتها، إلا بالتمسك بما نص عليه رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ في أكثر من حديث من مثل قوله ـ صلى الله عليه وآله وسلم :'أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وان عبد حبشي، فإنه من يعش منكم ير اختلافا كثيرا وإياكم، ومحدثات الأمور فإنها ضلالة فمن أدرك ذلك منكم فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ
وقد علم ـ رحمه الله ـ ضعف أبناء الزمان، وحاجتهم للشرح والبيان، فاصطلح على ما اسماه 'بالتصفية والتربية 'ومراده التمسك بهدي النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وتعلمه والعمل به ظاهرا وباطنا، ومراده وضع الإصبع على الأمراض في تنصيصه على 'التصفية '، والحاجة العظيمة لتبين السنة من البدعة، والحق من الباطل، ومراده أيضا الحل المبني على النظرة العامة للأمة ككل، وما ينتشر فيها من بدع وأمراض وأفكار ـ لا يغفل عن دور تراكمات التاريخ فيها ـ فلا بد من حل شرعي شامل وكامل لا يقتصر في النظر على جانب من الجوانب ـ كالتركيز على بدعة الحاكمية مثلا ـ ويهمل باقي أركان الدين، وحقيقة ما عليه المسلمون، فإن هذا جهل بالشرع وبواقع المسلمين في دينهم، ومراده أيضاً الوقوف على القالب الشرعي والمشروع الذي يمكن أن يتدين ويسهم به الكبير والصغير، المسؤول والعامل، والغني والفقير، ومختلف طبقات المسلمين أينما كان موقعهمِ
لم تطب دعوة الشيخ إلى السنة والتمسك بها والاقتصار عليها، والى اعادة فهم الدين وتطبيقه إلى ما كان عليه سلفنا الصالح، لم تطب هذه الوجهة للمنحرفين عن السنة، فصاروا يصمون دعوته ويلقبونها بألقاب السوء ـ كذاك الذي يصفها بالعزلة والانتظار مثلا ـ أو بغيرها من التهم الباطلة غير آبهين بما له من منزلة علمية عالية، وقبول واسع عند أتباع السلف الصالحِ
ونظرا إلى أن الشيخ الألباني ـ رحمه الله تعالى ـ قد عاش واقع المسلمين وحالهم فعلم ـ رحمه الله تعالى ـ تفصيليا مواضع الخلل في هذه الجماعات وخطر انحرافها، وعلم يقينيا عظم حاجة الشباب المتدين لمن يبين له السبيل الصحيح في التدين والإصلاح، ويخلص له من بين فرث البدع ودم الجماعات الإسلامية اللبن الخالص للشاربين، من اجل هذه المقتضيات ـ وغيرها مثل قيامه بالحق وغيرته عليه وشجاعته العظيمة في بيانه والدعوة إليه ـ وجد في كلامه الكثير من المناقشة والنقد للجماعات الإسلامية السياسية وإقامة الحجة الشرعية عليهم بالمعقول والمنقول، والإقناع بان الطرق التي اختطوها لا تليق بأهل الدين، وليست من سبيل أهل العلم، ولا تبنى على الحق، وما يحصل بها من مفاسد أعظم من أية مصالح مرجوة، ويكفي من مفاسدها الانحراف عن السنة والصراط المستقيم، وتفريق حبل الأمة وتمزيقها بالتحزبات الطائشة، وفتح أبواب الفتن، وكل هذه المفاسد ـ من جراء طرق الجماعات الإسلامية ـ محسوسة ملموسة يعلمها القريب والبعيد،
فهل انتصحوا بالشيخ الألباني؟؟،
وانتفعوا بنصائحه الغالية العزيزة المباركة، والتي ما فتئ ـ رحمه الله ـ يكررها ويبديها ويعيدها نحو أكثر من نصف قرن من الزمان؟ في الحقيقة أن موقفهم من الألباني ـ رحمه الله ـ مع رفقه ولطفه ورحمته بهم وتودده هو أعظم كاشف ودليل على أن القوم قد ترسخت فيهم وجهة غير وجهة أهل العلم والسنة، وتركزت المذاهب البدعية السياسية من نفوسهم على وجه صاروا معه بدلا من أن يردوا دعوة الشيخ بالتي هي أحسن، صاروا يطعنون على الألباني ـ رحمه الله ـ ويسفهون طريقته ودعوته ـ ودعوة المشايخ والأئمة من قبله ومن بعده ـ، وهو ـ رحمه الله ـ الذي عرف بالسلفية وعرفت السلفية به في الدنيا كلها، ثم يصر أتباع هؤلاء الناعقين على أنهم سلفيون، وان دعوتهم سلفية، ولايزال بعض طلاب العلم السلفيين ـ لا ادري ما أقول :الطيبون المخلصون أم ماذاِِِ؟؟ ـ يتفيأون ظلال الأحزاب، ويسترخصون أنفسهم خدما للسياسيين، يطأون على جماجمهم، فيرفعون أصواتهم في المنابر التي وصلوها عاليا بما شاؤوا، والدراويش ـ الصوفية الجدد ـ يذكرون الله كثيرا في الحلق والمساجد، تحت شبهة الإصلاح من الداخل أو تكثيرا للخير أو غير ذلك من نفثات شياطين الجن والأهواء التي تسببت في ارتكاسهم 'والله اركسهم بما كسبوا أتريدون أن تهدوا من أضل الله ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا

الأربعاء، أكتوبر 04، 2006

(الإمام نعيم بن حماد داعية السنة الصابر في المحنة

عاش هذا الإمام في العصر الذهبي للحياة الإسلامية، سياسة وريادة للعالم.ومع ذلك فلم يخل ذلك العصر من الفرق المنابذة للسنة، كالخوارج والشيعة، والجهمية وغيرهم، واجتاحت كثيراً من الناس، وكان (نعيم بن حماد) أحد الذين ابتلوا بالتجهم (والتجهم نفي ما أثبته الله لنفسه من الصفات).ولكن أراد الله به خيراً، فاستنقذه من تلك الهلكة، بعد أن عرف الشر، وذاق مرارته.
وما أحسن حلاوة الحق بعد مرارة الباطل.حين قذف الله في قلبه نور السنة وبغض البدعة أحب الحديث، وشغف به، فطلبه على كبار أئمة الإسلام في عصره، ورحل إليه وإليهم، قاطعاً رقعة جغرافية مترامية الأطراف. شملت خراسان والحرمين والعراق والشام واليمن ومصر. ولا عجب فتلك كانت سمة بارزة لعامة طلبة الحديث الجادين في تحصيله في ذلك العصر.وقد جمع (نعيم بن حماد) برحلته وذكائه وجده حديثاً كثيراً، حتى كتب عن أحد شيوخه خمسين ألف حديث.
ومنّ الله عليه بصحبة أحد الغيورين على السنة، القامعين لأهل البدعة، فاستفاد من سيرته، ونشاطه وحماسه الشيء الكثير، مما كان له أكبر الأثر بعد ذلك في هدي حماد.ثم رحل إلى مصر واستوطنها، وبقي فيها أربعين عاماً، معلماً وإماماً في الحديث والفرائض والسنة.
وبعد أن رسخت قدمه في السنة ابتدأ في تنقية دين الإسلام مما دخل فيه من البدع والانحراف لا سيما في أبواب الأسماء والصفات، من تعطيل أو تشبيه، وبيان المعتقد الحق الذي ليس بعده إلا الضلال، وهذه رسالة خلفاء الرسل وورثتهم، تصفية الدين وتنقيته مما دخل فيه وليس منه، وبيان الدين الحق الذي أنزله الله على رسوله صلى الله عليه وسلم صافياً نقياً.
بدأ رحلة الجهاد. ولا أعني جهاد السيف، بل ما هو أجل منه قدرا، وأعظم منه نفعاً، جهاد أهل الأهواء والبدع، بقلمه ولسانه، بعزم لا يكل، ونشاط لا يفتر، فألف في الرد على الجهمية وحدها ثلاثة عشر كتاباً. ثم التفت إلى مدرسة الرأي التي تقدم الرأي على الحديث فألف في الرد على إمامها الشهير رحمه الله. وكان صلباً في السنة، شديداً على مخالفيها.
وأراد الله أن يبتلي المسلمين بمحنة خلق القرآن على يد المعتزلة، حين استطاعوا أن يقنعوا بها المأمون، وأن يقنعوه بحمل الناس على بدعتهم بقوة السيف، وأمر المأمون بامتحان العلماء فمن أجابهم أطلقوه، ومن أبى حبسوه وعذبوه، وامتحن أئمة الأثر، فأجاب كثير منهم تقية، أخذاً برخصة الله للمكرهين،
وثبتت قلة على مبدئها ظاهراً وباطناً، وكان منهم نعيم بن حماد.وبعد هلاك المأمون سار المعتصم على دربه السيئ في امتحان العلماء، وجاء الدور على إمام مصر نعيم بن حماد ، فامتحنه والي مصر فأبى أن يجيبه لما يريد، فامتثل ما أمر به وقيده وحمله إلى العراق، فوصل سامراء وامتحن فثبت فأمر به إلى السجن.وطال بقاؤه في السجن بقيوده، وكأنما السجن لا يكفي قيداً،
وحين شعر بدنو أجله أوصى بأن يدفن في قيوده ، وقال (إني مخاصم) . يريد أن يقف بين يدي ربه يخاصم من آذاه في الله وظلمه بغير حق إلا أن ينـزه ربه عما لا يليق به.
وجاءه الأجل فلقي ربه في السجن ، ولما كان شجاً في حلوق خصومه من المبتدعة فقد تنفسوا الصعداء بموته، ورأوا أن ما فعلوه لم يشف لهم غيظاً، لذا عزموا أن يشتفوا منه ميتاً فماذا فعلوا؟جروه بقيوده، وألقوه في حفرة، وتركوه، فلم يغسلوه ولم يكفنوه ولم يصلوا عليه بل تركوه لسباع الأرض وهوامها
.نفضوا أيديهم، وكأنهم تباشروا بموته، وفرحوا بما فعلوا به من بعد، وحسبوا أن تلك هي النهاية.
ولكن القصة لم تنته بعد. إن الخصومة ستتم بين يدي مليك مقتدر. في يوم عظيم يعز الله فيه أهل السنة، ويخزي ويذل فيه أهل البدعة، جزاءً وفاقاً(وما ربك بظلام للعبيد).مات نعيم في سجنه سنة(229هـ) بعد أن مكث فيه سبع سنين كاملة فرحمة الله عليه وجزاه عن الإسلام والسنة خير الجزاء.
كتبه علي بن يحيى الحدادي
إمام وخطيب جامع عائشة بنت أبي بكر بالرياض