- مهزلة بيانات علماء الأمة بزعمهم
للشيخ سعد الحصين -حفظه الله تعالى-منقول من موقعه الرسمي
بين عام وآخر يذكرنا بعض الحركيين (ومن يستخفُّونه ويحركونه من غيرهم)؛ يذكرون الناس بأنفسهم فيصدرون بيانًا يشغلون به روَّاد الانترنت عما أرسل الله تعالى جميع رسله وأنزل به كل كتبه: {يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [الأعراف: 59]؛ يشغلونهم بالفكر والتحليل الساذج لأخبار الإذاعات والإشاعات عن الوحي والفقه في الدين وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا.
وآخر هذه البيانات: بيان (من اغتصبوا لقب) علماء الأمة في مظاهرة اليهود على المسلمين في غزة، وبيان مكة الثاني في مناصرة أهل غزة.
وقد تبيَّن لي من البيانين ما يلي:
1) ليس من بين الأسماء المذيَّل بها أي البيانين من يرقى إلى درجة العلم والعمل غير اثنين اشتهر أحدهما (ختم الله له بالسنة والجنة) بآلية التوقيع على أيِّ ورقة توضع بين يديه، وانحرف الآخر بانسياقه وراء ما ينقل إليه من أخبار السياسة غير الشرعية دون تثبت، ردَّه الله.
2) ليس من بين الأسماء المذيَّل بها أي البيانين من يرقى إلى درجة الدعوة إلى الله على منهاج النبوة غير الشيخ د. عبد الله شاكر الجنيدي نائب رئيس جماعة أنصار السنة المحمدية، فاتصلت به في القاهرة فبيَّن لي أن مفتري بيان من سموا أنفسهم علماء الأمة قد كذب عليه، وعلى الأستاذ د. جمال المراكبي رئيس الجماعة، وأنهما نشر تكذيبًا له على الانترنت، وفي مجلة التوحيد (مجلة الجماعة وخير المجلات الدينية على الإطلاق).
3) بقية الأسماء التي ذيل بها بيان المئة وبيان الخمسين (كما سُمِّيا) المزوَّر منها والصحيح (إن وجد) هي لفكريين وحركيين، مغموصٌ عليهم بالخروج عن منهاج السنة وعلى الجماعة والولاية، والانحراف عن فقه الأئمة في القرون المفضلة إلى فكر محمد قطب ومن ورائه فكر سيد قطب وحسن البنا تجاوز الله عن أمواتهم وهدى الباقين منهم إلى منهاج النبوة.
وقد طلبت من أبرزهم أن يحذو حذو أبيه (العالم العامل الداعي إلى الله على بصيرة الذاب عن شرع الله في الاعتقاد والعبادة) فيردَّ هجمة الصحفيين والمفكرين على الدين والدعوة وأهلهم ويبيِّن للناس ما عرفه (وأهمله) من حقيقة إفراد الله بالعبادة والدعاء وحده، وحقيقة الشرك الأكبر بمن سميت بأسمائهم المقامات والمزارات والمشاهد والأضرحة التي لا يكاد يخلو منها بلد مسلم (خارج بلاد التوحيد والسنة والدولة السعودية المجددة) فأجاب بأن الجرايد لن تقبل نشر ما يكتب لو كتب؛ فما باله يتقرب إلى الله أو إلى الناس بإدمان كتابة البيانات السياسية المهزليَّة؟!
4) قال الله تعالى: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً} [النساء: 83].
وقال ولي الأمر (في الدولة التي جدد الله بها دينه ثلاث مرات في القرون الثلاثة الأخيرة متميزة بذلك على جميع دول المسلمين منذ القرون المفضلة) أثناء استقباله للمشاركين في المؤتمر العالمي للفتوى الذي عقده المجمع الفقهي لدى رابطة العالم الإسلامي عام 1430: (للفتوى شروط يجب أن تتوفر في أهلها، [وعلى] وسائل الإعلام ألا تفتح الباب على مصراعيه للإفتاء لغير العلماء الثقات العارفين بشرع الله وواقع أمتهم.)
وإذا لم يَزَع الله الحركيين والحزبيين والإعلاميين بالقرآن عن الجرأة على الفتوى والإذاعة بها دون ردها إلى الشرع ولا إلى ولاة الأمر منَّا فلعل الله أن يزعهم بالسلطان فيأخذ على أيدي الخارجين على منهاج السنة ومنهاج الولاية الشرعية حتى لا يتجرأ على الفتوى من لم توكل إليه سواء في وسائل الإعلام المنظمة، أو المنفلتة مثل (حوس الذّهِيْب) الانترنت، فإما أن يخضعوا لطاعة الله بطاعة ولاة أمرهم في المعروف وإما أن ترجف بهم أرض التوحيد والسنة فيخرجوا (مهاجرين) إلى أرض النصرانية والعلمانية والوثنية كما فعل ابن لادن والفقيه والمسعري وسرور.
5) أرجف مدمنوا البيانات (السياسية غير الشرعية) بألفاظ الخيانة والكفر والردة والنفاق على بعض الدول العربية (مصر فيما فهمت منهم) بل على الأفراد والجنود والموظفين (الذين أعانوا على إغلاق معبر رفح) لأنه (مظاهرة الكفار على المسلمين)، وهي شنشنة عرفوها من سيد قطب رحمه الله. ولعلهم جهلوا ولم يتجاهلوا الفرق بين التعاون مع الكفار محبة لدينهم وبين التعاون معهم لمصلحة دنيوية كما ثبت من قصة حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه، وكما أجمع كبار علمائنا وعلى رأسهم شيخ الإسلام في القرن الأخير ابن باز رحمه الله على الاستعانة بالقوات الدولية (وأكثر قادتها وأفرادها نصارى) على البعثيين العراقيين (وعلى رأسهم: صدام الدين حسين ومعلمهم الأول: ميشيل عفلق) وإن انتمى أكثرهم للإسلام، لطردهم من الكويت.
ولعلهم جهلوا ولم يتجاهلوا أن أكثر الدول العربية بل جلها أو كلها ترى من واجبها شرعاً وعقلاً حماية البلاد والعباد من محاولات حزب الإخوان المسلمين التسلل من كل طريق (ومَعْبَر) وبكل وسيلة للاستحواذ على السلطة وبمختلف الذرائع من محاربة اليهود إلى الحكم بما أنزل الله (وهو مخالف لمناهجهم ووسائلهم وغاياتهم)، وعندما طمعوا في مدد الخميني تسابقوا إلى تقديسه وتعظيمه شعراً ونثراً ثم حجًّا إلى وثنه بعد موته. وعندما طمعوا في مدد البعث العراقي لجأ إليه السوريون منهم ومعهم ميشيل عفلق هربًا من البعث السوري وقال أحد قادتهم (سعد الدين): وجدناهم يقومون على قاعدة إيمانية (بالبعث؟ أو بالمقامات والمزارات الوثنية)؟ وعندما طمعوا في مدد صدام الدين طبَّل الفلسطينيون منهم خاصة وغيرهم عامة فرحًا باحتلال الكويت وتهديد دول الخليج وعدوا محاربيه المسلمين كفاراً موالين لكفار، وسموا صدام (صلاح الدين) وكانوا يكفرونه يوم قاتل الشيعة الفارسيين، وظاهَرَهم بعض من انخدع بهم في دول الخليج (وما أشبه الليلة بالبارحة) في البيانات والفتاوى والقنوت بالباطل.
6) وكعادتهم إذا استدلوا بالقرآن: أوردوا أربع آيات في غير موردها لأنها تخص الموالاة بمعنى التولي والمودة والمحبة من أجل الدين لا التعاون لمصلحة دنيوية، وقد تعاون النبي صلى الله عليه وسلم مع اليهود المحاربين في خيبر بعد هزيمتهم.
7) عدَّوا القتال في فلسطين جهادًا شرعيًّا مخالفين شرع الله: «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله» جوابًا لمن سأل عن القتال حمية أو شجاعة أو غضباً أو ليُرى مكانه.
وما عرف عن الإخوان المسلمين (الحزب): القتال لتكون كلمة الله هي العليا (وبخاصة في فلسطين)، بل لم يعرف عنهم مجرد الدعوة إلى أهم ما دعا إليه كل الرسل من إفراد الله بالعبادة ونفيها عما سواه، بل تجنب مؤسس الحزب (وهو خيرهم فيما نعلم رحمه الله) النهي عن شرك المقامات والمزارات والأضرحة (وقد ولد وعاش ومات بينها وكان من روادها) في واجباته وموبقاته، وفي وصاياه العشر التي أخذ عددها من اليهود (ولا يزالون يثبتون النهي عن الشرك وعبادة الأوثان والقتل والزنى والسرقة وعددًا من الوصايا التي يوجد أصلها في كتب الله جميعًا، وغفل عنها حسن البنا تجاوز الله عنه). والقتال في سبيل الله آخر مراحل الدعوة الشرعية لا أولها كما يفعلون.
8) واحتاطوا للرد على مخالفيهم بما يعلمه الجميع من اجتذاب حماس للرد الإسرائيلي بصواريخهم الهزيلة التي تطيل أمد المعانات الغزاوية، ولا تزيل الظلم الإسرائيلي بل تزيده ظلمًا وعدوانًا، واجتذاب الضرب الإسرائيلي للمناطق المأهولة لإثارة الرأي العام العالمي عليهم، بينما ربحت مصر سيناء كلها وهي المنتجة للبترول، والسلطة الفلسطينية الضفة الغربية بالمفاوضات في أمريكا وأوروبا.
9) تناقض البيان الثاني في (ص 2) في فقرتين متتاليتين بنهيه عن (مبادرات السلام) لأنه لا يوثق لليهود بعهد ولا ميثاق ثم إباحته (الهدنة المؤقتة).
10) وخالف شرع الله بحثِّه على استهداف مواطني إسرائيل دون استثناء طفل ولا امرأة ولا عابد في صومعته ولا مسلم. هدى الله الجميع لأقرب من هذا رشدًا. (صفر 1430هـ)