إذا أردت نصرة الدين ، فإياك وانتخاب من يتسمون بالإسلاميين
إن من الملاحظ اليوم على الساحة السياسية أن الجماعات الإسلامية السياسية تمكنت من استقطاب المسلمين حتى جعلت الغالبية منهم لا يصوتون في الانتخابات إلا لمن يتسمون بالإسلاميين ، وذلك لما معهم من عاطفية دينية ، وهذا والله لهو الضلال المبين ، والجهل بالتفريق بين سبيل المؤمنين وسبيل المجرمين ، إذ الناظر في حال هذه الجماعات السياسية الإسلامية المستميتة على الانتخابات ، والمتناحرة والمتداحرة من أجل الوصول إليها ؛ يرى بوضوح أنها ممن حرَّف معاني الدين ، ونشر البدعة بين المسلمين، والبدعة أحب إلى إبليس من المعصية بإجماع المسلمين ، وأنها ممن استجاز الطعن والتجريح في ولاة أمور المسلمين ، والإنكار العلني عليهم ، وهم من استخدم الدين ليصل به إلى الكراسي وينال به أصوات الناخبين ، وهم من فرَّق المسلمين إلى فِرق وأحزاب ، وغلوا في ذلك حتى وسعوا دائرة التكفير ، فنسبوا من خالفهم من المسلمين إلى العلمانية تارة وإلى الليبرالية تارة وإلى غيرها من التيارات الكفرية تارة أخرى ، ومرادهم بذلك التكفير لتخلو لهم الساحة ويظفروا بمناصرة العامة من المسلمين
ولذلك حذر منهم العلماء ومن تكتلاتهم
قال العلامة ابن باز رحمه الله في كلام له نصح فيه علماء المسلمين أن يبينوا حقيقة هذه الجماعات المتناحرة ؛ حيث قال : " فالواجب على علماء المسلمين توضيح الحقيقة ، ومناقشة كل جماعة أو جمعية ، ونصح الجميع بأن يسيروا في الخط الذي رسمه الله لعباده ، ودعا إليه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، ومن تجاوز هذا أو استمر في عناده لمصالح شخصية ، أو لمقاصد لا يعلمها إلا الله ، فإن الواجب التشهير به ، والتحذير منه ممن عرف الحقيقة ، حتى يتجنب الناس طريقهم ، وحتى لا يدخل معهم من لا يعرف حقيقة أمرهم فيضلوه ، ويصرفوه عن الطريق المستقيم .. " ( مجموع فتاوى ومقالات متنوعة 5/202 ) .
وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله : " فأنا لا أرى التكتل الديني ، والتحزب الديني ، وأرى أنه يجب محو هذه الأحزاب ، وأن نكون كما كان الصحابة رضي الله عنهم ؛ أمة واحدة ... "
( لقاءات الباب المفتوح 2/471 ، المسألة رقم : 1126 ) .
وزاد العلامة الألباني رحمه الله الأمر بيانا وتوضيحا حين سئل سؤالا ؛ نصه :
في ظل النظام الديمقراطي الذي تُحكَم به اليمن يستعد الإخوان المسلمون في الدخول في الانتخابات النيابية والمشاركة فيها تحت ظل حزب اسمه : التجمع اليمني للإصلاح ، ويطلبون من المسلمين في اليمن عموما الوقوف معهم في المعركة الانتخابية ، فهل يجوز لنا النزول عند رغبتهم مع العلم أن قانون الانتخابات يخضع للنظام الديمقراطي الطاغوتي ؟ وما هي النصيحة التي توجهونها للسلفيين في اليمن ؟ والمسلمين بشكل عام ؟ .
فذكر في إجابته رحمه الله كلاما ؛ ذمَّ فيه التفرق في الدين ، فكان مما قال :
" وما كاد العالم الإسلامي يفيء إلى ضرورة عدم التفرق في الدين إلى مذاهب من مثل هذه المذاهب التي ذكرتها آنفا ، سواء كانت في الفروع أو في الأصول ، ما كاد كثير من المسلمين ينتبهون لضرورة عدم التفرق ، والاجتماع على ضوء الكتاب والسنة، وإذا بالمسلمين يبتدعون تفرقا جديدا ؛ ألا وهو التفرق الحزبي السياسي ...
إلى أن قال : فنحن نُذكِّر المسلمين بجهود تلك الأحزاب على مُضِيِّ السنين الطويلة ، ماذا أفادت العالم الإسلامي ؛ وقد جرَّبوا حظوظهم في الدخول في البرلمانات ؛ لا شيء إلا القهقرى !! لذلك نحن ننصحكم ؛ وننصح كل المسلمين ؛ ألا يتعاونوا مع الحزبيين في دخول البرلمان ..
فسأله السائل : يعني أفهم من هذا أنهم لا يُنتَخبون ؟ .
فأجاب بِـ : نعم – يعني أنهم لا يُنتَخبون - "
( سلسلة الهدى والنور- شريط رقم : 590 ) .
فيا أيها المسلمون ؛ لنقف وقفة صادقة ضد هذه الديمقراطية ، ولنعط لأميرنا وولي أمرنا ما أوكله الله عز وجل إليه من الحقوق الشرعية ، ولندع له بالسداد والتوفيق .
فعن زياد بن كُسَيْبٍ العَدَويِّ قال : " كنتُ مع أبي بَكرةَ تحت مِنْبَرِ ابْنِ عامِر ؛ وهو يَخطُبُ ، وعليه ثيابٌ رِقاقٌ ، فقال أبو بلال: انظُروا إلى أميرِنا ، يَلبَسُ ثيابَ الفُسَّاق ؟ فقال أبو بَكرَة : اسكت ؛ سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من أهان سُلطانَ اللهِ في الأرض ؛ أهانه الله " (حسَّنه الألباني – صحيح سنن الترمذي – حديث رقم : 2224 ) .
وعن عقبة بن وساج قال كان صاحب لي يحدثني عن شأن الخوارج وطعنهم على أمرائهم ، فحججت ، فلقيت عبد الله بن عمرو فقلت له : أنت من بقية أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد جعل الله عندك علما ، وأناس بهذا العراق يطعنون على أمرائهم ويشهدون عليهم بالضلالة ، فقال لي : أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بقليد من ذهب وفضة فجعل يقسمها بين أصحابه ، فقام رجل من أهل البادية فقال : يا محمد ؛ والله لئن أمرك الله أن تعدل فما أراك أن تعدل فقال : ويحك من يعدل عليه بعدي ، فلما ولى قال ردوه رويدا فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن في أمتي أخا لهذا يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم كلما خرجوا فاقتلوهم ثلاثا " ( كتاب السنة ومعه ظلال الجنة في تخريج السنة – حديث رقم : 934 ) .
كتبه : على حسين الفيلكاوي