الأربعاء، فبراير 27، 2008

ماذا تفعل الرعية بالحاكم الظالم والفاسق والفاجر؟

هذه محاولة للإجابة عن هذا السؤال لتبيان ما اخْتُلفَ فيه من الحق مستنبطة من كتاب الله وسنة رسوله وفقه أئمة الهدى في نصوصهما، عملاً بقول الله تعالى:" فان تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا".وعلى الكاتب ألا يخفي نصا يخالف رأيه، وعلى القارىء التسليم راضيا مطمئنا
حق الراعي على رعيته
طاعته فيما ليس فيه معصية، والدعاء له، والنصح له
قال الله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم " وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات؛ مات ميتة جاهلية" رواه مسلم وقال صلى الله عليه وسلم: "الدين النصيحة،... لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامته،
ومن النصيحة لهم جميعا الدعاء للراعي بالصلاح والتوفيق والهداية.قال الامام أحمد بن حنبل لما ذكر ولي الأمر في عهده: "إني لأدعو له بالصلاح والعافية، لئن حدث به حدث لتنظرن ما يحل بالإسلام" كتاب السنة للخلاّل ص 84.
وقال البربهاري: "إذا رأيت الرجل يدعو على السلطان فاعلم أنه صاحب هوى، وإذا سمعته يدعو للسلطان بالصلاح فاعلم أنه صاحب سنة، فأُمرنا أن ندعو لهم ولم نؤمر أن ندعو عليهم وإن جاروا وظلموا، لأن جورهم على أنفسهم، وصلاحهم لأنفسهم وللمسلمين" شرح السنة ص 51.
وحق الرعية على الراعي
النصح لرعيته في أمور الدين أولا، ثم في أمور الدنيا ثانيا؛ بنشر العقيدة والسنة بالتعليم والحكم والدعوة إلى الله على بصيرة، وبمنع البدع وأعظمها بناء المساجد على أوثان الأضرحة والمقامات والمشاهد والمزارات، وما دونها من الزوايا وسائر بدع العبادات، وللرعية على الراعي حقوق الاحسان والرعاية، وألا يكلفهم ما لايطيقون، وأن يوفر لهم من الخدمات المعيشية ما يطيق، وأن يكون قدوة صالحة في الدين والدنيا، قال الله تعالى: {وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع اهواءهم}.وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من عبد يسترعيه الله رعية، يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة" رواه مسلم.وقال صلى الله عليه وسلم: "كلكم راع ومسؤول عن رعيته" رواه البخاري
جواب السؤال لمن قبل حكم الله في كتابه وسنة رسوله
على الرعية طاعة الراعي وإن ظلم وجار، وإن فسق وفجر، إلا أن يأمر بمعصية الله فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثرة عليك" رواه مسلم.وقال صلى الله عليه وسلم: "إنها ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها" قالوا: كيف تأمر من أدرك منا ذلك؟ قال: "تؤدون الحق الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم" متفق عليه.وقال صلى الله عليه وسلم: "من يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعص الأمير فقد عصاني" متفق عليه.بل قال صلى الله عليه وسلم: "يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي ولا يستنون بسنتي" قال حديفة: كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك؟ قال صلى الله عليه وسلم: "تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع" رواه مسلم.بل قال صلى الله عليه وسلم: "كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يؤخرون (أو يميتون) الصلاة عن وقتها؟" قال أبو ذر: فما تأمرني؟ قال صلى الله عليه وسلم: "صل الصلاة لوقتها، فان أدركتها معهم فصل فإنها لك نافلة" رواه مسلم.ومع ظهور المعاصي من الشرك فما دونه في مسلمي اليوم إلا من رحم الله؛ لم يؤمر باقترافها، ولو حدث ذلك وجبت طاعة الراعي في طاعة الله ومعصيته في معصية الله، كما قال عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه أحد رواة الحديث عن ذلك، وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه

الأربعاء، فبراير 06، 2008

رسالة في حكم التعليم المختلط - الشيخ محمد بن سليمان الجراح

هذه رسالة كتبها علامة الكويت الشيخ محمد بن سليمان الجراح – رحمه الله -
و قد أرسل إليه بعض الناس يسأله عن حكم الإسلام في الإختلاط ، أي خلط الرجال بالنساء أثناء التعليم ، فرد برسالة هذا نصها :
يكفي في تحريمه قوله تعالى

"يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا "
وقوله تعالى
وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى
، و حديث " المرأة عورة " ( رواه الترمذي و صححه الألباني في الصحيحة 2688) و إجماع الأمة عليه فعلاً من عهد السلف الصالح إلى هذا العهد و حاشا أن يكونوا قد ضلوا و اهتدينا أو جهلوا و علمنا و ليسعنا ما وسعهم و لنقتف أثرهم إن كنا متقين ، و قد جاءت الشريعة الغراء بسد الذرائع إلى المحرمات فأمر رب السماوات و الأرض خالق هذا
الكون و مدبر شؤونه العالم بخفايا أموره و بكل ما كان و سيكون بغض البصر عما لا يحل فقال تعالى
قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا
و نهى المرأة أن تضرب برجلها لتسمع الرجال صوت خلخالها في قوله تعالى
وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ
و نهاهن عن اللين بالكلام لئلا يطمع أهل الخنى فيهن قال تعالى
فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ
، أما سؤالكم حفظكم الله عن بيان الأضرار التي تنجم عن الإختلاط ، فاعلم أن هذه الفكرة الكافرة الخاطئة الخاسئة المخالفة للحس و العقل و للوحي السماوي و تشريع الخالق الباري من تسوية الأنثى بالذكر في جميع الأحكام و الميادين فيها من الفساد و الإخلال بنظام المجتمع الإنساني ما لا يخفى على أحد إلا من أعمى الله بصيرته فمن ذلك ابتذال المرأة و اختلاطها في الأجانب و ضياع المروءة و الدين لأن المرأة متاع الدنيا و هو أشد متاع الدنيا تعرضاً للخيانة ، لأن العين الخائنة إذا نظرت إلى شيء من محاسنها استغلت بعض منافع ذلك الجمال خيانة و مكراً ، فتعريضها لأن تكون مائدة للخونة فيه ما لا يخفى على أدنى عاقل ، و كذلك إذا لمس شيئاً من بدنها بدن خائن سرت لذة ذلك اللمس في دمه و لحمه بطبيعة الغريزة الإنسانية ولا سيما إذا كان القلب فارغاً من خشية الله تعالى ، فاستغل نعمة ذلك البدن خيانة و غدراً و تحريك الغرائز بمثل ذلك النظر و اللمس .
و الإختلاط يكون غالباً سبباً لما هو شر منه كما هو مشاهد بكثرة في البلاد التي تخلت عن تعاليم الإسلام و تركت الصيانة ، فصارت نساؤها يخرجن متبرجات عاريات الأجسام لأن الله نزع من رجالها صفة الرجولة و الغيرة على حريمهم نعوذ بالله من مسح الضمير و الذوق و من كل سوء و مكروه .
و دعوى السفلة أن دوام اختلاط الطالبات بالطلبة بادية الرؤوس و الأعناق و المعاصم و الأذرع و السوق و نحو ذلك يذهب إثارة غرائز الرجال لأن كثرة المساس تذهب الإحساس كلام في غاية السقوط و الخسة .. لأن معناه إشباع الرغبة مما لا يجوز حتى يزول الإرب منه بكثرة مزاولته – و هذا كما ترى – و لأن الدوام لا يذهب إثارة الغريزة باتفاق العقلاء لأن الرجل يمكث مع امرأته سنين كثيرة حتى تلد أولادها و لا تزال ملامسته لها و رؤيته لبعض جسمها تثير غريزته كما هو مشاهد لا ينكره إلا مكابر ..
لقد أسمعت لو ناديت حيا و لكن لا حياة لمن تنادي
فلو ناراً نفخت بها أضاءت و لكن أنت تنفخ في رماد
"
كتبه الشيخ محمد بن سليمان الجراح - رحمه الله تعالى